للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستدلال من هذه الآية من وجهين:

أحدهما: أنها قد قرئت بقراءتين: ﴿حتى يطهرن﴾ مخففة (١)، و ﴿حتى يطّهّرن﴾ مشددة (٢)، أي يتطهرن بالماء، فأراد انقطاع دمهن وتطهرهن بالماء وإلا تناقض.

والدليل الثاني منها: هو أنه تعالى قال: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ﴾ (٣) أي يفعلن الطهارة، فأضاف فعل التطهر إليهن، وانقطاع الدم ليس إليهن فعله (٤)، فعلم أنه أراد التطهر بالماء، ثم إنه تعالى أثنى على من فعل هذه الطهارة فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (٥)، والثناء لا يقع إلا على فعل يصدر من جهتهن، وانقطاع الدم ليس من جهة المرأة، فلا يقع الثناء عليه، قال الله تعالى: ﴿وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ (٦).

فإذا تقرر أن المراد به فعل الطهارة بالماء صار كأنه تعالى قال: "ولا تقربوهن حتى يطهرن، أي ينقطع دمهن، ويتطهرن بالماء" لأنه قال: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾ (٧) أي تطهرن بالماء، وهذا كقوله: "لا تعط زيدا شيئا حتى


(١) وهي قراءة نافع وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم في رواية، ويعقوب، وأبي جعفر.
(٢) وهي قراءة خلف، وحمزة، والكسائي. انظر إتحاف فضلاء البشر (١/ ٤٠٧) وتفسير ابن جرير (٢/ ١١٨٩ - ١١٩٠).
(٣) سورة البقرة، الآية (٢٢٢).
(٤) انظر التجريد (١/ ٣٤٤ - ٣٤٥) وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٣١).
(٥) سورة البقرة، الآية (٢٢٢).
(٦) سورة آل عمران، الآية (١٨٨).
(٧) سورة البقرة، الآية (٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>