للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدخل الدار، فإذا دخل الدار وقعد فأعطه درهما"، يقتضي أن لا يستحق الدرهم إلا بوجود الشرطين، أما دخول الدار من غير قعود فلا يستحق به شيئا.

فإن قيل: هذا غلط في اللغة، وخلاف موجبها؛ لأن قوله: ﴿حتى يطهرن﴾ شرط، وقوله: ﴿فإذا تطهرن﴾ جواب الشرط، وجواب الشرط يتعلق بما يتعلق به الشرط، فقوله تعالى ﴿فإذا تطهرن﴾ أي انقطع دمهن حتى يكون جوابا لقوله: ﴿حتى يطهرن﴾، إذ لا يصح أن يجعل جوابه فإذا اغتسلن؛ لأنه خلاف اللغة، كقولهم: لا تعط زيدا حتى يدخل الدار، فإذا دخل الدار فأعطه، فقوله: "فإذا دخل" يقتضي أن يكون الدخول هو الدخول المشروط لا صفة أخرى (١).

قيل: عن هذا جوابان (٢):

أحدهما: أن جواب الشرط يقتضي أن يكون ما تعلق به الشرط، لا صفة أخرى ومعنى آخر كما ذكرتم، ولكنه لا يحتمل أن يكون قوله: ﴿فإذا تطهرن﴾ جوابا له أصلا لما ذكرناه من الوجهين، وذلك أنه تعالى أضاف الفعل إلى النساء، وأثنى على من فعل ذلك، وهذا لا يحتمل انقطاع الدم، فإذا لم يحتمل أن يكون هذا جوابا له، ولا بد للشرط من جواب علم أن جوابه مضمر، فكأنه قال: ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا طهرن وتطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله، فلا تحل إلا بوجود شرطين.

والجواب الثاني: هو أن الشرط في الآية الطهارة بالماء بالقراءة


(١) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٤٢٢ - ٤٢٣).
(٢) أجاب عنه أبو بكر بن العربي من تسعة أوجه في أحكام القرآن (١/ ٢٣٠ - ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>