وقولهم:"إن الحكم إذا وجب لعلة زال بزوالها" فإننا نقول: العلة قد تزول وتخلفها علة أخرى، كما تقولون في النجس يزال بالبول، وكما نقول جميعا: إن الصائمة لا يجوز وطؤها لأجل الصوم، ثم لو حاضت في خلال الصوم زال حكم الصوم، وانتقل منع الوطء بالصوم، فصار ممنوعا بالحيض، فكذلك أيضا يكون ممنوعا من وطء الحائض لأجل الحيض، ثم يزول الحيض، وصار المنع باقيا لأجل الغسل.
وجواب آخر: وهو أجود من الأول، وهو أن العلة المانعة عندنا هي بقاء حكم حدث الحيض، وهذا لا يزول إلا بالغسل له.
وقولهم:"إن استحقاق الغسل لا يمنع الوطء كالجنابة" عنه جوابان:
أحدهما: أن الذي يمنع الوطء هو بقاء حكم حدث الحيض.
والجواب الآخر: هو أن الجنابة حجة لنا؛ لأن الوطء لا يمنع الوطء، فكذلك أيضا حدثه لا يمنع الوطء، وحدثه هو الجنابة، ولما كان الحيض يمنع الوطء جاز أن يكون حدثه مانعا من الوطء، والله أعلم.
وعلى أن اعتبارنا أولى؛ لأن رد الوطء إلى الوطء أولى، ولأنه يصح فيه الوجود والسلب، ويرجع إلى الاحتياط في باب الفروج، ويستند إلى ما قبله من استصحاب الحال في المنع من الوطء قبل انقطاع الدم، وإلى ظاهر القرآن.
ثم نقول: إنهم لو اعتبروا الاعتبار الصحيح لكان ينبغي أن يجري الأمر على خلاف ما رتبوه؛ لأنه إذا انقطع دمها فيما دون العشر فلا يخلو أن يكون