للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان هذا هكذا صار حكم النفاس في ذلك كحكم الحيض، لأقله حد، ولأكثره حد، على حسب الوجود في عادتهن، فوجب الحكم في ذلك في النادر والمعتاد، كما كان في الحيض أيضًا، فالرجوع إلى حكم الوجود أولى؛ لأنه قد وجد مَن نفاسها ستون يومًا، ثم ترى بعده طهرًا تامًّا، فيعلم أن ذلك نفاس إذ الوجود إليه انتهى.

وأيضًا فقد حكي عن الأوزاعي أن المرأة كانت ترى الدم عندهم شهرين (١).

وأيضًا فإن العلماء مجمعون على أن أقصى غاية النفاس عادة أربعة حُيّض (٢)، فمن يقول: أكثر الحيض خمسة عشر يقول: أقصى النفاس ستون، ومن يقول: أكثر الحيض عشرة يقول: أقصى النفاس أربعون، وقد دللنا على أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا (٣)، فيجب أن يكون أكثر النفاس ستون يومًا.

وأيضًا فإن الأربعين يومًا لما كانت عادة في النساء في النفاس وجب أن يكون أكثره زائدًا على العادة، كدم الحيض الذي الست والسبع منه عادة فيهن زادت نهاية أكثره عليه.

ولنا من الظواهر قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾.


(١) نقله عنه صاحب المغني (١/ ٤٧١ - ٤٧٢) ونقل ابن عبد البر عنه أنه قال: "تجلس كامرأة من نسائها، فإن لم يكن لها نساء كأمهاته وأخواتها فأربعون يومًا". الاستذكار (٣/ ٥٩٢) ونقل عنه أيضًا قوله: أهل دمشق يقولون: "إن أجل النفساء من الغلام ثلاثون ليلة، ومن الجارية أربعون ليلة". ونقل هذا عنه أيضًا ابن المنذر في الأوسط (٢/ ٣٧٩) ووصفه بالشذوذ.
(٢) لعل المصنف يقصد العلماء الذين ذكرهم في بداية المسألة، وإلا فالإجماع على إطلاقه هنا غير صحيح، انظر ما ينقضه في المحلى (١/ ٤١٤) والأوسط (٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩).
(٣) تقدم نقل نحوه عن القرافي (٣/ ٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>