للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في النفاس أربعين يومًا" (١). (٢٥٩)

قالوا: ومعلوم أن وجود هذا القدر لا يتعلق بنساء أهل زمان واحد، فثبت أن المراد كون مدتهن مقصورات على هذا القدر، وهذا الاتفاق من أهل عصر واحد لا يكون إلا عن أمر من النبي .

قيل: أما خبر عائشة عنه فيحتمل وجوهًا منها:

أنه خرج على سؤال قيل له: ما حكم النفساء ترى الدم أربعين ثم ينقطع؟ فقال: للنفساء التي هذه صفتها أربعون يومًا، فإذا مضت الأربعون يومًا بالدم اغتسلت وصلت.

ويحتمل أن تكون الألف واللام للعهد، وهي امرأة يعرفها النبي هذه صفتها، فأفتى فيها بذلك، وهذا ظاهر؛ لأنه ليس في العرف أن يبتدئ الإنسان على غير سؤال فيقول: للنفساء أربعون يومًا (٢)، وقد اختلف الناس


(١) أخرجه أبو داود (٣١١) والترمذي (١٣٩) وابن ماجه (٦٤٨) وأحمد (٦/ ٣٠٠) والدارقطني (١/ ٢٢١ - ٢٢٢) وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل، عن مسة الأزدية، عن أم سلمة، واسم أبي سهل: كثير بن زياد، قال محمد بن إسماعيل: علي بن عبد الأعلى ثقة، وأبو سهل ثقة، ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل". قلت: وله طريق أخرى أخرجه أبو داود (٣١٢) وصححه الحاكم (١/ ٢٣٢) ووافقه الذهبي. وطريق أخرى أخرجه الدارقطني (١/ ٢٢٣) وفيه محمد بن العزرمي ضعيف.
قلت: وضعفه ابن حزم في المحلى (١/ ٤١٣) بجهالة مسة الأزدية، وكذا أعله بذلك ابن القطان، وتعقبهما ابن الملقن بأنه قد روى عنها جماعات ترتفع جهالتها بهم، وجود إسناده، ونقل تحسينه عن النووي وغيره. انظر البدر المنير (٣/ ١٣٧ - ١٤٢).
(٢) هذا ليس شرطًا، فإن النبي كان هو المبلغ عن الله مراده، وهو المشرع للأمة، فتارة كان يشرع عن طريق سبب من الأسباب تقتضي ذكر حكم الله في المسألة، وقد يبتدئ هو ببيان حكم من غير أن يُسأل. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>