على طريقة واحدة، إلا بوجود الدم المحكوم له بحكم الحيض احتياطًا للصلاة.
فإن قيل: فإن اعتبار الأصول يدل على ما قلناه، وذلك أننا وجدنا أن الأمور إذا اشتبهت على مجتهديها، وأشكلت على مميزيها، وفاتهم أقرب الوجوه إلى الإصابة فيها وجب الرجوع إلى ما يقاربها ويدانيها، لا المقام على العمى والجهل فيها، وهذه الجملة تجدونها كالمشاهدة في كل أمر مجتهد فيه، مختلف فيه اثنان فاعتبروه في الاجتهاد والنوازل، وطلب الحكم في المسائل، وقيَم المتلفات، وتقويم النفقات، وطلب المثل في جزاء الصيد، والاجتهاد في القبلة وغير ذلك، فكذلك ما قلناه.
والجواب أن الذي ذكروه لا يشبه ما نحن فيه؛ لأننا لم نقم على العمى والجهل؛ لأن الحكم تعلق في الشريعة بشرط، وهو أن تجد علامة الحيض، فلما لم تجدها لم يتعلق علينا حكم، فلسنا على عمى، بل على يقين حتى تحضر العلامة، ألا ترى أن اليائسة عن الحيض قد كان لها زمان وأيام تحيض فيها، فإذا لم تر الدم فليست على عمى، وكذلك التي تحيض لو انقطع عنها الدم أصلًا فلم تحض مدة من الزمان فإنها تصلي حتى يجيئها الدم الذي ذكره صاحب الشريعة أنه حيض، ولو كان طهرها في عادتها خمسة عشر يومًا، ثم لم يحضرها الدم حتى مضى لها شهران فإنها تصلي وليست على عمى.
ولا يجوز أن نقول لها: إذا جاءك الدم بعد هذا أنك كنت على عمى، فكيف هذه إذا حكمنا لها بحكم الاستحاضة؟ فهي على يقين كمن لم تر دمًا أصلًا، فهي تصلي بيقين، ولا تنتقل حتى يجيئها ما ينقلها عن ذلك، وإنما كان هذا في الحيض والاستحاضة لما ذكرناه من أن دم الحيض ليست له حال