للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن هناك خبر يعضد عملهم؛ لكان عملهم على ذلك أقوى من كل شيء من طريق خبر الواحد، لأن الأذان مما يتكرر في كل يوم خمس دفعات بتكرر الصلوات، وليس هو شيئًا يقع نادرًا فيذهب عليهم، فإذا وجدناهم مطبقين على ذلك نقلًا وفعلًا، وليس هو مما يؤخذ قياسًا؛ علمنا أن ذلك هو الصحيح، وأنهم علموا ذلك من جهة النبي ، فوجب الرجوع إلى ما هم عليه كما رجع من خالفهم (١) إلى صاعهم ومدهم، وغير ذلك مما نقلوه وعملوا به (٢).

ويسقط مع هذا قول من يقول: إنا نجد العمل في هذا الوقت على الزيادة؛ لأن الإجماع إجماع من تقدم، والعمل عليه، وهل هذا في بلد أو بلدان؟ ولعل أكثر البلاد على خلاف ذلك، وليس الكلام على ما نشاهده، وإنما العمل على ما كان عليه أهل المدينة الذين يتصل نقلهم وعملهم خلفًا عن سلف إلى صاحب الشريعة الذي كان بينهم، وكانت الأحكام تنزل عليه فيشاهدون ما يجري، وينتشر من جهتهم إلى غيرهم (٣).

وهذه الطريقة من أقوى دليل على المسألة، يصلح أن يستدل بها ابتداء، ويصلح أن يرجح بها إحدى الروايتين في ذلك.

فإن استعملوا القياس في المسألة؛ فلنا أن نقول: قد اتفقنا على المرتين (٢٦٦) في أول الإقامة وآخرها؛ بعلة أنه تكبير في طرفي النداء، فكذلك الأذان.


(١) يشير بهذا إلى محمد بن الحسن من الحنفية.
(٢) ناقش ابن حزم هذا في المحلى (٢/ ١٩٠ - ١٩١) فراجعه.
(٣) بنحو هذا أيضًا أيد الجمهور مذهبهم بأن ذلك جرى به العمل في مكة، وهي مجمع المسلمين في المواسم وغيرها، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة وغيرهم. وبأن الزيادة من الثقة مقبولة. انظر شرح مسلم للنووي (٤/ ٦٩) والمحلى (٢/ ١٨٨ - ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>