للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به، وقد حكينا أنه كان يؤذن به، ثم انتقل إلى عقبه من بعده، وانتشر واستفاض بالحرمين مكة والمدينة.

وعلى أنه لو كان للتكرار؛ لكان يقع ذلك مرارًا، وكيف وقع التكرار في الشهادة دون غيرها.

وأما الجواب عن قولهم: "إن التكرار في الشهادتين لعلة"؛ فهو دعوى، على أنه لو كان كما ذكر فينبغي أن يستدام؛ لأنه ليس تخلو ديار المسلمين من قوم من المشركين.

وعلى أن هذا لو كان لهذه العلة؛ لم يستدم ذلك، خاصة في الحرمين اللذين لا يدخلهما مشرك.

وعلى أن هذا الشيء قد يكون ابتداؤه لعلة، ثم ترتفع تلك العلة ويبقى الحكم (١)، ألا ترى أن السعي والرمل قد كان لعلة، وهو أن يرى المشركون والمنافقون قوة المسلمين (٢)، ثم زالت العلة، وبقيت السنة.

والجواب لقولهم: "إنه أمر بالترجيع لأنه خفض صوته، ألا ترى أنه قال له: ارجع ومد من صوتك"؛ فهذا سنته عندنا أن يمد في الترجيع صوته زيادة على الأول، فإذا سلمتم هذا المقدار؛ فما [فوقه] (٣) أكثر منه.


(١) انظر شرح فتح القدير (١/ ٢٤٤ - ٢٤٦).
(٢) أخرج البخاري (١٦٠٢) ومسلم (١٢٦٦) عن ابن عباس قال: "قدم رسول الله وأصحابه، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد وهنهم حمى يثرب، فأمرهم النبي أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم".
(٣) كلمة غير واضحة بالأصل، وما أثبته أقرب إلى رسمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>