للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يذكر أن الصحابي حكم فيها بمثل ذلك تأسيًّا به، لا أنه مقلد له، فأما ما يعلم أنه كان من النبي ، أو في زمانه، أو الأغلب منه أن يكون في وقته ، ويرى الناس عليه متفقين؛ فإن هذا الموضع هو الذي يقول فيه: "لم يزل الناس على ذلك"، و"هذا الأمر الذي لا اختلاف فيه" (١).

وقد علمنا (٢٧١) أن الأذان كان على عهد النبي خمس مرات في كل يوم، فإذا رأى أهل المدينة مطبقين على صفته قولًا وفعلًا لم يزالوا عليه، ولا يسمع بخلاف عنهم فيه، أو سمع خبرًا قد سمعوه ثم رأى العمل على خلافه؛ كان العمل أقوى، إذ لا يجوز أن يظن بهم أنهم خالفوا ولا قصدوا العناد، ولا يظن ذلك بهم إلا مخذول.

وبمثل هذا احتج على من يخالفه في كثير من المسائل، فاحتج بنقلهم وبفعلهم في ترك الزكوات في الخضر (٢)، وبالأحباس، وفي المد والصاع على من خالفه (٣).

واحتج من خالفنا وخالفه أيضًا والجماعة معنا ومعهم أن هذا قبر النبي ، ومنبره، ومسجده (٤)، فلا ينبغي أن يخرج أحد عما يجدهم عليه، ولا يلتفت


(١) انظر عمل أهل المدينة للدكتور محمد نور سيف ص (٢٩٦) وعمل أهل المدينة وأثره في الفقه الإسلامي لموسى إسماعيل ص (٢٥٢ - ٢٥٣ - ٢٥٥).
(٢) قال القاضي عبد الوهاب في الإشراف (٢/ ١٥٤): "لا زكاة في الفواكه والخضر خلافًا لأبي حنيفة؛ لأن ذلك إجماع أهل المدينة نقلًا، لأن الخضروات كانت على عهد رسول الله والأئمة بعده، فلم ينقل أنه طالبهم بزكاة عنها، ولو كان ذلك قد وقع؛ لم يغفل نقله". وانظر الموطأ ص (١/ ١٨١).
(٣) يشير إلى المناظرة التي جرت بين أبي يوسف ومالك في ذلك، انظر عمل أهل المدينة وأثره في الفقه الإسلامي ص (٣١٣ - ٣٢٧).
(٤) المرجع السابق ص (٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>