للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى أن هذا يمنع من تأذينه في سائر الصلوات؛ لأنه في الفجر المضيء مع عدم الموانع يشك فيه؛ ففي النهار وفي الشموس وما يحدثه الشعاع في الناظر أولى أن [يعتريه] (١).

فإن قيل: لما كان الأذان موضوعًا للدعاء للصلاة؛ لم يجز أن يؤتى به قبل دخول وقت الصلاة، ألا ترى أن سائر الصلوات لم يجز أن يؤذن لها قبل وقتها؛ لأنه وقت لا يجوز أداء الصلاة فيه، فلا يجوز الدعاء إليها.

قيل: هذا مما لا يتعرض فيه القياس، وإنما يؤخذ توقيفًا، ثم هو منكسر لأن أذان الجمعة يقع في وقت لا يجوز إقامتها فيه من أجل الخطبة التي هي واجبة قبل الصلاة.

هذا قد ذكره بعض أصحابنا، ولكن نقول: إن القياس يسقط مع وجود أهل المدينة مجمعين على جواز ذلك.

ونقول أيضًا: إن هذه الصلاة خصت بذلك من بين سائر الصلوات لأنها تدرك الناس نيامًا، وفيهم الجنب، ومَن نومه ثقيل، ومن سهر لقيام صلاة الليل ثم ينام، فإذا سمع الأذان، تأهب واغتسل، وتشاغل بالطهارة التي في الغالب يكون فيها [مجلس] (٢) العادة بخلاف سائر الصلوات، وحتى يؤدوا الصلاة بغلس عند طلوع الفجر الثاني، فلهذا خصت بذلك، ولا يمتنع أن تكون مخصوصة من بين سائر الصلوات، وتكون أصلًا في نفسها.

فإن قيل: فإن معنا إجماع الصحابة، وذلك ما رواه علي بن أبي علي،


(١) بالأصل: أن لا يعتريه، وهو خطأ.
(٢) هكذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>