للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لا يلزم؛ لأننا نقول: إنها واجبة وجوبًا متسعًا، حتى إنه مخير في إيقاعها في أي وقت شاء، وبعد الزوال إلى آخر الوقت، ففي أي وقت من ذلك أوقعها؛ فعل الواجب، كالتخيير في الكفارات أنه مخير في أيها شاء (١)، فإذا فعل واحدًا منها؛ فقد فعل الواجب، كذلك هذا مخير في الأوقات مع وجوب الصلاة عليه، ففي أي الأوقات أوقعها؛ فعل الواجب.

ومن جعل الوجوب متعلقًا بآخر الوقت، وجعل الفعل في أوله نفلًا؛ فقد خرج عما يقتضيه الأمر، لأن الوقت إذا جعل له؛ فهو واجب بحكم الأمر والإلزام، فجعله إذا وقع في أوله نفلًا؛ فاسد؛ لأنه إخراج الواجب عن وجوبه.

فإن قال: لو جعلته واجبًا؛ لوجب أن يعصي من لم يفعله أول الوقت؛ لأنه يكون مفرطًا يستحق الذم، لأن هذا علامة مَن ترك الواجب (٢).

قيل: قد أجبنا عن هذا بما ذكرناه من اتساع وقت الوجوب.

وأيضًا فإننا نسألك؛ أجعلته نفلًا بحكم الأمر والإلزام أم بدليل؟

فإن قال بالأمر؛ قيل: هذا محال، أليس الأمر والإلزام قد اقتضى الوجوب، فكيف يجوز أن تحتج به في كونه ندبًا بما ذكرته من الدليل.

[وإن قال بالدليل] (٣)؛ قيل: هذا يصح لك لو لم يكن له وجه إلا ندبًا،


(١) وهذا هو الذي يسمى عند الأصوليين بالواجب المخير، وإليه أشار في المراقي بقوله:
والأمر بالواحد من أشياء … يوجب واحدا على استواء
وانظر نشر البنود (١٥٣ - ١٥٤) وإحكام الفصول (١/ ٢٢١ - ٢٢٣).
(٢) والجواب أن هذا يبطل بقضاء رمضان والكفارة، فإنه لا يأثم بتأخيرهما عن أول وقت الإمكان، وهو من أوقات الوجوب. قاله الباجي في إحكام الفصول (١/ ٢٢٢).
(٣) ساقطة من الأصل، وأثبتها من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>