للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما وهو يصح أن يخرج عن كونه ندبًا ولا يتوجه عليه الذم، ويكون مع ذلك واجبًا مخيرًا فيه؛ فما ذكرته لا يصح.

فإن قال: فعدولكم عن كونه واجبًا بعينه إلى أن تجعلوه مخيرًا فيه بينه وبين غيره كعدولي عن القول بوجوبه إلى كونه نفلًا في أنه ترك للظاهر، فلِم صرتم بما قلتموه أولى مني بما قلته؟

قيل: لأن في قولك إنه نفل [تركا] (١) للظاهر الذي اقتضى الوجوب، وليس في قولنا إنه واجب على التخيير ما يخرجه عن الظاهر، فلهذا قولنا أولى. (٢٧٩)

فإن قال: فإن في قولكم: واجب على التخيير؛ تركا للظاهر؛ لأنه يقتضي وجوب الفعل، وقد أقمتم غيره مقامه.

قيل: إن الظاهر لما اقتضى وجوبه في جميع الوقت الذي حد له، ولا يمكن إخراجه أن يكون واجبًا مضيقًا في آخره، وكان مع تضييقه في آخره لا يصح تضييقه في أوله؛ وجب أن يكون مخيرًا فيه في أوله، وذلك يوجب إثبات بدل لا محالة، فالقول إنه واجب أدى إلى ذلك؛ لأنه لا يتم القول بوجوبه في قوله إلا على هذا الوجه، فقد يصح القول بأنه ليس بنفل في أوله أصلًا، والبدل الذي يصير إليه في ترك الصلاة في أول الوقت هو العزم على فعله في الوقت الآخر، لأن عزمه على تركها رأسا عصيان، وإنما يؤخرها إلى الوقت الثاني وهو عازم على إيقاعها فيه (٢).


(١) في الأصل: تركنا.
(٢) يشير بهذا إلى مسألة أصولية تتعلق بالأمر هل يفيد الفور أو التراخي؟ والمذهب على أنه على =

<<  <  ج: ص:  >  >>