للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنه لو كان منسوخًا؛ لم يجز فعله، وقد أجمع المسلمون على جواز صلاة الظهر مع الزوال، فكيف يكون ذلك وقد صلى في اليوم الثاني العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، وقال: "ما بين هذين وقت" (١).

وعلى أنه يلزمك أن يكون منسوخًا في سائر الصلوات.

وأيضًا فإن الخبر خبر واحد، فكيف يحمل بعضه على النسخ بغير دلالة، أو تكون فيه دلالة النسخ فلا ينقل.

فإن استدلوا بحديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : "إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، وإنما مثلكم ومثل أهل الكتابين قبلكم كمثل رجل استعمل عمالًا، فقال: من يعمل إلى نصف النهار بقيراط، فعملت له اليهود، ثم قال: من يعمل إلى صلاة العصر بقيراط، فعملت النصارى على ذلك، ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغيب الشمس على قيراطين، فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: كنا أكثر عملًا وأقل عطاء، فقال: هل ظلمتكم من أجركم شيئًا؟ قالوا: لا، قال فإنه فضلي أوتيه من أشاء" (٢).

قالوا: فهذا يدل على صحة قولنا من وجهين:

أحدهما: قوله: "إنما أجلكم في أجل من خلا قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس".

فلو كان وقت العصر من وقت أن يكون ظل كل شيء مثله؛ لم يكن


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٧٦).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٧) ووهم من عزاه للشيخين كما فعل النووي في المجموع (٤/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>