للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لضرب هذا المثل معنى.

والدلالة الثانية: هو أنه حكى عن اليهود والنصارى أنها غضبت وقالت: "نحن أكثر عملًا وأقل عطاء".

فلو قلنا: إن وقت العصر من حين يصير ظل كل شيء مثله؛ لكان وقت العصر أطول من وقت الظهر (١).

قيل: أما ضرب المثل في الأجل؛ فهو صحيح، لأننا إذا قدرنا هذا المقدار مع (٢٨١) الزمان الذي هو من طلوع الفجر؛ كان قليلًا في جنبه.

وأما قصة الأجير؛ فعنه أجوبة (٢):

أحدها: أنه قال: فعملت النصارى إلى صلاة العصر، وليس فيه أنه إلى أول وقت العصر، فنحمله على أنها عملت إلى آخر وقت صلاة العصر، فيستوي في الخبر ما أردتموه منا من تقليل عمل المسلمين وكثرة أجورهم، فلا تصح لكم فيه دلالة.

وجواب آخر: وهو أن [هذا من] (٣) الأخبار التي لم يقصد بها ذلك وإنما قصد بها تضاعف الثواب، وهذا كما نقول في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ (٤) أنها


(١) انظر المبسوط (١/ ١٤٣).
(٢) انظر فتح الباري (٢/ ٤٥١ - ٤٥٢) ففيه رد قوي على الحنفية في استدلالهم بهذا الحديث على ما ذكر. وانظر أيضًا الروضة الندية (١/ ٢٢٦).
(٣) ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٤) سورة المعارج، الآيتان (٢٩ - ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>