للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وردت في مدحة قوم (١)، فلم يجز أن يؤخذ منها تحليل ولا تحريم (٢).

وجواب آخر: وهو أننا نقول: إن اليهود والنصارى قالت: "نحن أكثر عملًا"، ولعمري إن عملها أكثر من عمل المسلمين، إذ عملهم من أول النهار إلى وقت العصر.

فإن قيل: هذا لا يصح؛ لأنه لو كان الخطاب عنهما جميعًا؛ لم يقولوا: "وأقل أجرًا"، إذ أجرهما جميعًا مثل أجر المسلمين.

قيل: ظاهر الخبر أن الطائفتين قالت، ثم قولهم: "وأقل عطاء" يعنون به إذا قسمناه.

وجواب آخر: وهو أنه يجوز أن يكون عملهم من الظهر إلى العصر أكثر وإن كانت المدة فيه أقصر منها من العصر إلى مغرب الشمس، وأراد بالمثل أنهم يَكِدّون أنفسهم ويجهدونها، كما قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ (٣).


(١) وأخذ الأحكام من مظانها أولى من أخذها لا من مظانها. قاله الشنقيطي في نثر الورود ص (٢٠٩).
(٢) قال إمام الحرمين: عمدتنا حديث جبريل، ولا حجة للمخالف إلا حديث ساقه النبي مساق الأمثال، والأمثال مظنة التوسعات والمجاز، ثم التأويل متطرق إلى حديثهم، ولا يتطرق إلى ما اعتمدناه تأويل، ولا مطمع في القياس من الجانبين. نقله عنه في المجموع (٤/ ٤٢).
(٣) هذا بناء على أن المراد بالعمل والنصب في الآية في الدنيا كما قاله السدي وغيره، وروي عن ابن عباس.
وقيل: إن المراد العمل والنصب في النار، قاله الحسن، وقتادة، وعبد الرحمان بن زيد، وروي عن ابن عباس أيضًا كما في تفسير ابن جرير وابن كثير، وهو الأنسب لسياق الآية، بل ولفظها أيضًا؛ لأنه قال: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾، أي يوم القيامة، والآيات في سياق الإخبار =

<<  <  ج: ص:  >  >>