للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوصف أن عملهم وجهدهم مما يأخذون به أنفسهم النهار القصير أكثر من عملكم وإجهادكم في النهار الطويل، وأراد بهذا الحديث الحث للمسلمين على الاجتهاد، وهذا أولى في ضرب المثل.

فإن قيل: فإنه لم يصف أحد الفريقين بسرعة العمل دون غيره، وإنما أخرج كلامه على المتعارف من عمل الناس، وليس إثبات هذا المعنى للمسلمين بأولى من إثباته لغيرهم.

قيل: إنما أردنا أن الذي قلناه يحتمل، فيكون المقصود أن النصارى تعمل العمل الكثير في الزمان القصير، واليهود تعمل العمل القليل في الزمان الطويل، فيكون [فائدته] (١) تفضيل النصارى على اليهود، وأن اليهود زمانها أطول من زمان النصارى، والنصارى تعمل في الزمان القصير مثل عملهم، ثم أعلم المسلمين أن عملهم أكثر من عملكم، قدر هذا بالأوقات ليعرفوه من أول وهلة، ولم يقدره بالساعات؛ لأنه لا يكاد كل أحد بسرعة يعرف القسمة بالساعات، ولم يقدره بأجزاء اليوم؛ لأنهم لا يعرفون بالعاجل ثلث اليوم أيّ وقت هو، ولم يقصد به بيان المواقيت.

وأما قولهم: إنه ليس هذا لفرقة المسلمين بأولى منه في غيرهم؛ فإنما [نقول] (٢): ما أراد بهذا إلا الحث للمسلمين على الاجتهاد، وأن يحملكم أن يكثر اجتهادكم؛ لأن أعماركم قصيرة، كما كدّت النصارى أنفسها في الزمان القصير.


= عن مآل المؤمنين والكافرين يوم القيامة، لا عن أحوالهم في الدنيا. والله أعلم.
(١) في الأصل: فائدة.
(٢) في الأصل: يقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>