فإن قيل: فإن تارك الظهر لغير عذر حتى يدخل وقت العصر مفرط، فلولا أنهما لا يشتركان في وقت واحد؛ لم يلحقه التفريط.
قيل له: إن كنت تعني أنه أخر الظهر إلى قبل مغيب الشمس حتى حصل في وقت العصر المختص بها على ما بيناه؛ فهو مفرط يلحقه التوعد؛ فكذا نقول، وإن كنت تعني أنه إن أخر الظهر حتى جاوز ظل الشيء مثله أو مثليه؛ فإننا لا نقول إنه مفرط يلحقه الوعيد، بل نقول: إنه مسيء لتركه وقت الاختيار، فسقط ما ظننت بنا.
فإن قيل: فإن وقت الظهر لما لم يكن وقتا للعصر؛ وجب أن يكون كذلك وقت العصر، ألا ترى أن الفجر والعشاء لما لم يشارك أحدهما صاحبه في الوقت؛ لم يشركه الآخر.
قيل: الأمر كما قلت، وقت الظهر الذي يختص به ليس بوقت للعصر الذي يختص به، ووقت العصر الذي يختص به ليس وقتًا للظهر، وإنما المشترك ما بين ذلك، والمغرب والعشاء فبهذه المثابة، ما بعد غروب الشمس بمقدار ثلاث ركعات يختص المغرب ليس بوقت للعشاء، وقبل الفجر الثاني الذي بمقدار أربع ركعات يختص بالعشاء، وليس بوقت للمغرب، والظهر والعصر فبهذه [المثابة](١).
ويدل على ما نقوله أيضًا أن الحائض إذا طهرت، والكافر إذا أسلم، والصبي إذا بلغ - وقد بقي من النهار قدر خمس ركعات أو أكثر -؛ فقد أدركوا وقت (٢٨٤) الظهر والعصر، فلولا أن ذلك وقت للظهر؛ لم تجب عليهم