للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصلى الظهر" (١).

وكذلك روى ابن كيسان عن جابر قال: "جاء جبريل إلى النبي حين زالت الشمس، فذكر الحديث إلى أن قال فيه: ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل الظهر، فقام فصلى الظهر" (٢).

وهذا يمنع من كل تأويل يتأولونه من أنه صلى، أي فرغ؛ لأنه ابتدأ بصلاة الظهر، وأوقعها في اليوم الثاني بعد أن صار ظل كل شيء مثله.

فإن قيل: فإن قوله : "صلى في اليوم الثاني حين صار الظل مثله" (٣) أي فرغ؛ لأن "صلى" لفظ الماضي (٤)، فحقيقته لما قلنا إلا أن تقوم دلالة (٥).


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٧٦).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٧٧).
(٣) تقدم تخريجه (٤/ ٧٦).
(٤) لفظ الماضي قد يأتي ويراد به إرادة الفعل كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾، وقد يأتي ويراد به الشروع في الفعل كما في حديث: "إذا أمن فأمنوا". وقد يأتي ويراد به الانتهاء من الفعل وهو كثير، ومنه حديث: "إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا .. " الحديث، وسيأتي تخريجه، والشاهد للدلالة على الانتهاء، هو قوله: "إذا كبر فكبروا"، وقوله: "وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد". وأما الركوع والسجود فهو مثال للشروع .. وانظر المجموع (٤/ ٤١) وعارضة الأحوذي (١/ ٢٥٦) ونيل الأوطار (١/ ٣٦٧ - ٣٦٨).
(٥) اقتصد الشافعي واعتمد الحديث، وفهم من بيان جبريل فصل أواخر الأوقات عن أوائل ما يليها، فعلم من هذا المساق انقطاع آخر وقت الظهر من أول وقت العصر، فاعترض له منشأ إشكال مالك، فرأى في ذلك تقريبًا حسنًا، وقال: صلى جبريل صلاة الظهر في اليوم الثاني في آخر المثل الأول، بحيث انطبق التحلل عنها على انقضاء المثل، فقيل: صلى جبريل حين صار ظل كل شيء مثله، وصلى صلاة العصر في اليوم الأول حين ابتدأ المثل الثاني =

<<  <  ج: ص:  >  >>