للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: الخبر خبر واحد، وجميع أوقات الصلوات فيها هذا اللفظ الذي هو عبارة عن الماضي وقد أريد به الابتداء، وإنما معناه أنه أوقع صلاته في هذا الوقت، ومع هذا فلا يجوز أن يصرف مِن صلى إلى ما ذكرتموه للفراغ؛ لأنه نُقل لتُعلم من جهته الأوقات التي يتأتى لكل أحد أخذ الصلاة فيها، وتكون معروفة له، وما تقولونه لا يتحصل لفاعل واحد، فكيف يكون علمًا للناس كلهم؛ لأن الواحد يتعذر عليه أن يبتدئ بصلاة يكون آخرها مع كون الظل مثله (١)، وكيف بالجميع الذين تختلف صلاتهم، فمن مطول، ومقصر، وثقيل، وخفيف، فعلمنا أن المقصود منه العلامة الظاهرة، وهو إذا زاد الظل حتى إذا صار مثله عرفه جميع الناس، كالزوال، وكالمغيب، وكالشفق، والفجر، لأن هذه علامات ظاهرة إذا شاهدناها ابتدأنا الصلاة، كذلك الظل إذا بلغ مثله عرفه (٢٨٥) جميع الناس كما يعرفونه إذا بلغ مثليه، وصارت الأوقات كلها معروفة غير مجهولة، ويتأتى الابتداء فيها لجميع الناس.


= متصلًا بانقضاء المثل الأول، فحسن أن يقال: صلى حين صار ظل كل شيء مثلَه، فكانت إحدى العبارتين مشيرة إلى آخر المثل، والثانية إلى الزمان المتصل بالآخر، واحتمال هذا في اللفظين مع إمكانه وانسياغه في اللسان أمثل من التزام الاشتراك، والخروج عن مقصود الوقت المؤقت في فصل أواخر المواقيت عن أوائل ما يعاقبها ويليها.
فهذا بيان تأسيس مذهب الشافعي في ذلك، وليس ما ذكره بدعا، فإن الله تعالى ذكر بلوغ الأجل في العدة، وعنى الإشراف على الانقضاء، فقال: ﴿أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾، معناه: فراجعوهن، وذكر البلوغ في آية أخرى وأراد الانقضاء، فقال تعالى: ﴿فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾، وقال الشافعي في تجويز مثل ذلك في اللسان: يقال: بلغ المسافر البلد؛ إذا انتهى إليها، وإن لم يدخلها، ويقال: بلغها؛ إذا دخلها وتوسط أبنيتها. نهاية المطلب (٢/ ١٠ - ١١) وانظر أيضًا المبسوط (١/ ١٤٣ - ١٤٤).
(١) ولكن بما يجاب عن قوله: "ما بين هذين وقت"، "لأنه على الاشتراك لم يحصل تحديد آخر وقت الظهر". قاله النووي في المجموع (٤/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>