للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأخير، وقد نفى أن يكون وقتها إذا غاب الشفق (١).

ومعنى هذا عندنا أن خروجه منها ما لم يغب الشفق؛ لأنه إذا دخل فيها حين الغروب؛ فليس لخروجه حد محدود، ولكنه ما لم يغب الشفق؛ لأن صلاة الناس تختلف، فمن مطول، ومن مقصر، وخفيف، وثقيل، وكلهم يخرجون منها ما لم يغب الشفق، ولم يقل أول وقتها ما لم يغب الشفق، وإنما قال: وقتها، فأراد وقته كله ما لم يغب الشفق أول الصلاة (٢).

وتستند أحاديثنا أن فعل الخاصة والعامة في المبادرة إلى فعلها.

وأيضًا فإن أصل المواقيت إمامة جبريل وبيانه، فلا يُقضى عليه بأخبار نقلت في أخبار متفرقة يحتمل أن تكون الأحوالُ أوجبت ذلك، ثم يقضى بذلك على هذه الأخبار إلا أن تُفهَم دلالة تقطع العذر، فإن خبر إمامة جبريل قد تواتر حتى قطع العذر، فلا يُعدل عنه إلا بمثله، فيكون منسوخًا إن لم يمكن الاستعمال.

فإن احتجوا بحديث ابن بريدة عن أبيه أن سائلًا سأل النبي عن أوقات الصلاة، فقال له: "صل معنا، فأقام الصلوات، إلى أن قال: فأمر بلالًا من الغد فأقام المغرب قبل أن يغيب الشفق، ثم قال في الحديث: وقت صلاتكم بين ما رأيتم" (٣).

قيل: نحن نقول قبل غيبوبة الشفق، ثم كم ذاك القَبْل، وكم مقداره،


(١) غير مسلم؛ ففي حديث أبي موسى المتقدم: "ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق"، وهذا يرد التأويل المذكور، إلا أن نقول بأن لها وقتين.
(٢) انظر المحلى (٢/ ٢٠٤).
(٣) تقدم تخريجه (٤/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>