للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض الناس وهم صيام، وأكثرهم يحتاجون إلى العشاء لتشاغلهم بمعايشهم بالنهار، فهم يطلبون التخفيف، فكان المنافقون يحضرونها طلب التخفيف، فأراد أن يروا صبر المسلمين عليها، ورغبتهم في الاجتهاد مع الأعذار التي لهم، والمشاق الصعبة، فإن المنافقين إذا رأوا ذلك ربما دعتهم الرغبة إلى ما عليه المسلمون، أو ينصرفون فلا يعودون إليها مخافة التطويل، وليس كذلك سائر الصلوات؛ لأنها لا تدركهم على مثل حالهم في المغرب من التوقان إلى العشاء، والضجر من الصوم، ألا ترى أنه قد قال للمؤمنين: "ابدؤوا بالعشاء" (١) لما ذكرناه، وقد قلنا: إن مثل هذا يكون عذرًا في امتداد وقتها.

والمرجوع إليه في ابتدائها حديث المواقيت، ومطابقة العمل على ذلك.

فإن قيل: فقد روي أنه قال : "ليس التفريط فيمن نام عن صلاة، إنما التفريط أن يصلي صلاة في وقت غيرها" (٢).

فدل أنه إذا لم يبتدئها في وقت غيرها فليس بمفرط.

قيل: أول ما في هذا أنكم لا تقولون بدليل الخطاب (٣)، فكيف تحتجون به. (٢٩٠)

على أننا نقول: إنه إنما ابتدأ الصلاة في الوقت الذي تقولون: إنه مسيء وليس بمفرط؛ لأن كلامنا في وقت الاختيار، وإذا صلى المغرب قبل طلوع


(١) تقدم تخريجه (٤/ ١٢٦).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٩٧).
(٣) يقصد الحنفية، وقد تقدم التنبيه على مثل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>