للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمناه؛ حكمنا له بحكم الإسلام (١)، ولو جاز أن يعلم باعتقاده؛ لكفاه ذلك، وليس كذلك الصلاة؛ لأنه باعتقادها لا يكون داخلًا فيها (٢)، لا فيما بينه وبين الله تعالى، ولا فيما بيننا.

على أنه ينتقض بكل لفظ مما ذكرناه من دعائه للأنبياء، والمرسلين، والملائكة، والأولياء؛ لأن فيه تعظيمًا لله تعالى، وهو قصده إليه دون غيره، واعتقاده أنه لا يقدر على ذلك غيره تعالى، ولأن في دعائه للأنبياء والملائكة تعظيمًا لله تعالى، ومع ذلك فلا يجزئه عندكم غير التكبير.

وعلى أنه قياس يدفع النص على ما بيناه.

وعلى أننا نعارض بقياس آخر فنقول: هو ركن لا تصح الصلاة إلا به (٣)،


(١) انظر التجريد (١/ ٤٦٥) شرح الطحاوية لابن أبي العز (١/ ١٢٤ - ١٢٥).
(٢) حكى القاضي عياض عن جماعة من السلف أنه يكفي الدخول في الصلاة بالنية فقط بلا تكبير، وممن حكي عنه ذلك ابن المسيب، والحسن، والزهري، وقتادة، والحكم، والأوزاعي. وحكاه ابن المنذر عن الزهري وقال: ولم يقل به غير الزهري.
قلت: وهو مردود بما نقله عياض، لكن قال النووي بعد حكايته كلام القاضي عياض: "لا أظن هذا يصح عن هؤلاء الأعلام مع هذه الأحاديث الصحيحة، مع حديث علي ". شرح مسلم (٤/ ٨١)
قلت: الذي نقله عنهم ابن المنذر وابن أبي شيبة (٢/ ٦٨ - ٦٩) أنهم يقولون: إذا نسي المصلي تكبيرة الافتتاح؛ تجزئ عنه تكبيرة الركوع، وهذا لا يفهم منه أنهم لا يقولون بوجوب تكبيرة الإحرام كما فهمه القاضي عياض وغيره؛ لأنه قد يكون الشيء واجبًا ويسقط بالنسيان كما هو معلوم، وغاية ما قالوا أنه إذا نسيها؛ تجزئ عنه تكبيرة الركوع تخفيفًا عليه، وهذا لا ينافي وجوبها عند الذكر. والله أعلم.
(٣) هذا القياس لا يلزم أصحاب أبي حنيفة؛ لأنهم يقولون: تكبيرة الافتتاح شرط لا ركن. انظر شرح فتح القدير (١/ ٢٨٤ - ٢٨٥) وسيناقش المؤلف هذه القضية في المسألة الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>