للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول الصلاة صلاة، وكذلك لو قال: "أول الصلاة صلاة"، وكذلك لو أراد إنسان أن يُعرّفنا فيقول: أول كتاب أبي حنيفة الطهارة؛ لكان معناه: أول كتاب أبي حنيفة كتاب أبي حنيفة، فعلمت أن هذا ساقط، وإنما يعرف الأول بشيء يخصه حتى يعرف منه الابتداء، وإلا فنحن نعلم أن كل جزء من الصلاة صلاة، فأراد أن يعرفنا أن ابتداء هذه الأجزاء - المعبر عنها بالصلاة - أولها وافتتاحها تكبيرة الإحرام، وقد قلنا: إن ابتداء الشيء منه.

فإن قيل: فإن معنى قوله : "صلاتنا لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي تكبير" (١).

فإنه يدل أن الصلاة تكون تكبيرًا، ولا يدل على أن كل تكبيرة صلاة (٢)، وهذا موضع الخلاف، ألا ترى أن التكبيرات التي تقع في الصلاة هي منها، وخلافنا وقع فيما لا يحصل في الصلاة هل هو منها، فلا دلالة في اللفظ عليه، يدلك على ذلك أنه ذكر قراءة القرآن والتسبيح، ولم يدل هذا على أن كل ما هو من هذا الجنس فهو من الصلاة.

قيل: هذا غلط بيِّن؛ لأن قوله : "إنما هي تكبير" (٣) أي هي تكبيرة الإحرام وغيرها من التكبير، ولما جعلت القراءة التي فيها والتكبير صلاة؛ فتكبيرة الإحرام صلاة، ألا ترى أنه لو صرح فقال: "إنما هي تكبيرة الإحرام، والقراءة، وتكبيرة الركوع"؛ لكان صحيحًا، فثبت بهذا أن إخراج


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧ - ٣٣).
(٢) عبارة صاحب التجريد (١/ ٤٧٥): "هذا يدل على أن التكبير يقع في الصلاة، ولا يدل على أن تكبيره صلاة".
(٣) هو الحديث قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>