للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنية، فهي كالقراءة.

وقولكم: "إنه لا يمكن الفصل بين التكبيرة وبين الصلاة"؛ فهو حجتنا، وأنها من الصلاة فهي كالقراءة.

فإن استدلوا بقوله تعالى: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ (١)، والذكر الذي يتعلق به الصلاة هو التكبير (٢)، وقد جعله مصليًّا عقيبه؛ لأن الفاء للتعقيب (٣)، فصار ذلك أصلًا في أن التكبير [لا يقع إلا في الصلاة] (٤)، وليست منها (٥).

قيل: هذا لا يلزم؛ لأنه لم يقل: "قد أفلح من تزكى، وكبر للصلاة فصلى"، وإنما أراد من قصد الله تعالى بصلاته، أي ذكره فصلى أي فكبر وقرأ؛ لأن هذه هي الصلاة، وإنما أراد الذكر الذي هو بالقلب، لأنه يكون ذاكرًا بقلبه كما يكون ذاكرًا بلسانه (٦).

ويجوز أن يكون ذكر اسم ربه بالأذان والإقامة (٧)، .............


(١) سورة الأعلى، الآية (١٥).
(٢) قال النووي: "والجواب عنه أنه ليس المراد بالذكر هنا تكبيرة الإحرام بالإجماع قبل خلاف المخالف". المجموع (٤/ ٣٥٨).
(٣) انظر مغني اللبيب (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣).
(٤) هكذا بالأصل، ولعل الصواب: لا يقع في الصلاة.
(٥) استدل بهذه الآية أبو بكر الجصاص على جواز افتتاح الصلاة بسائر الأذكار؛ لأنه لما ذكر عقيب ذكر اسم الله الصلاة متصلًا له - إذ كانت الفاء للتعقيب بلا تراخ - دل على أن المراد افتتاح الصلاة. أحكام القرآن (٣/ ٦٣٦) وقد رد هذا أبو بكر بن العربي في أحكامه (٤/ ٣٨٠ - ٣٨١). وقد تقدمت هذه المسألة مستوفاة.
(٦) ورجحه أبو بكر بن العربي في أحكامه، وبين أن الآية تدل على وجوب النية في الصلاة (٤/ ٣٨٠) وسبقه إلى ذلك ابن حزم في المحلى (٢/ ٢٦٣).
(٧) مردود؛ لأن الفاء تقتضي تعلق ما بعدها بما قبلها، وأفعال الصلاة تتعلق بالتحريمة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>