للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتاج إلى تأخير تكبيرة الحرام؛ لأنها قد حصلت أول صلاة.

وعلى الرواية التي يقول مالك: إن ما أدرك فهو آخر صلاته (١)؛ فلا يمكن أن ينتقل حكم تكبيرة الإحرام - وهي جزء من الصلاة - من موضعه، فيصير بموضع آخر بحكم الجماعة، ألا ترى أن الذي يلحق الإمام راكعًا فكبر وركع، وقد كان موضع تكبيرته في الانفراد غير هذا الموضع؛ لأنه كان يتعقبها باستدامة القيام للقراءة، ولو فعل هذا منفردًا؛ لم يجزئه.

وهكذا أيضًا قولكم: إنها ابتداء الصلاة وإن لم تكن منها، ثم إذا أدرك ركعة من صلاة الإمام؛ أوقعتم تكبيرة الإحرام ابتداء لآخر ركعة من الصلاة لموضع الجماعة، فكذلك فعلنا نحن، ولا يخرجها أن تكون من الصلاة.

فإن قيل: فإن التكبير سبب يتوصل به إلى إقامة الصلاة، فأشبه الطهارة، وستر العورة، وأن التكبير مما يتوصل إلى الدخول في الصلاة به.

قيل: هذه العبارة خطأ؛ لأن قولك: "إن التكبير سبب يتوصل به إلى الصلاة"؛ هو المسألة، فكأنك غيرت العبارة، كيف [يسلم] (٢) لك أنه سبب يتوصل به إلى الصلاة وهو من الصلاة، هذا إنما نسلمه لك في الطهارة؛ لأنها ليست من الصلاة، وتكبيرة الإحرام عندنا من الصلاة، فلا يقال: إنها سبب يتوصل به إلى الصلاة؛ لأن هذا بمنزلة ما يقول لك قائل: الركوع والقراءة اللذان فيها من الصلاة هما سببان يتوصل بهما إلى إقامة الصلاة، أو كل واحد منهما سبب يتوصل به إلى إقامة الصلاة، فمهما أجبته به؛ فهو


(١) سيأتي الكلام على هذه المسألة (٤/ ٥٥٥).
(٢) في الأصل: تسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>