للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتأويل قول ابن مسعود أنه : "رفع يديه في الصلاة في أول مرة" (١)، أي في أول ما نزل الفرض في تكبيرة الإحرام وغيرها، ثم لم يعد إلى ما سوى تكبيرة الإحرام؛ لأن قوله "رفع" حكاية عن فعلة واحدة فيحتمل ما قلناه، ولم يتبين في أي شيء رفع أيضًا.

وقول الصحابة : "كان إذا افتتح" حكاية عن التكرار، مع أن قولهم مثبت، وابن مسعود ناف، فالمثبت أولى من النافي، ولأن تكبيرة الإحرام لما كانت فرضًا لأنها تحريم الصلاة؛ خصت برفع اليدين فيها، حتى إذا رآه من خلفه؛ علم أنه مفتتح لصلاة (٢)، فهي علامة يتبين بها من باقي التكبير (٣)، والله أعلم.

وكذلك روي عن علي (٤)، وابن مسعود (٥)، .................


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٢٤٢).
(٢) خصوصًا ممن يسمع صوته أصلًا أو عرَضًا، كما جعل وضع الإصبعين في الأذنين حال الأذان لهذا الغرض أيضًا.
(٣) قال بعض المتكلمين: كان شرع الرفع في أركان الصلاة أولا علامة للاستسلام لقرب عهدهم بالجاهلية والإباءة عن الإسلام، فلما أَنِسوا بذلك واطمأنت قلوبهم؛ خفف عنهم، وأبقي في أول الصلاة علامة على الدخول فيها لمن لا يسمع التكبير. نقله عياض في الإكمال (٢/ ٢٦٢) وهو توجيه مقبول في تكبيرة الإحرام إلى حد ما، لكنه عند الركوع والرفع منه مردود بالأحاديث الصحيحة عن النبي في ذلك، من فعل الصحابة والتابعين بعده.
(٤) تقدم تخريجه (٤/ ٢٣٩).
(٥) أخرجه عنه من فعله ابن أبي شيبة (٢٤٥٥) وابن المنذر في الأوسط (٣/ ٣٠٥) وغيرهما. قال ابن عبد البر: ولم يرو عن أحد من الصحابة ترك الرفع عند كل خفض ورفع ممن لم يختلف عنه فيه إلا عبد الله بن مسعود وحده. انظر التمهيد (٤/ ١٤٨ - ١٤٩) ولكن قال البيهقي: "قال الإمام أبو بكر بن إسحاق الفقيه: قد صح رفع اليدين - يعني في هذه المواضع - عن النبي ، ثم عن الخلفاء الراشدين، ثم عن الصحابة والتابعين، وليس في نسيان =

<<  <  ج: ص:  >  >>