للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى أعلمك سورة ما أنزل الله تعالى في التوراة ولا في الإنجيل، ولا في الفرقان مثلها، قال أبيّ: فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك، فقلت: يا رسول الله: السورة التي وعدتني، قال: كيف تقرأ إذا كبرت؟ قال: فقلت: الله أكبر، الحمد لله رب العالمين" (١).

فلم يذكر تسبيحًا ولا توجيهًا قبل فاتحة الكتاب، فلو كان ذلك واجبًا أو مسنونًا؛ لم يذهب على أبيّ، ولم يقره النبي على ذلك (٢)، بل كان ينكر عليه إن كان عالمًا، وقد ترك أن يعلمه إن كان جاهلًا به.

وأيضًا فما روى أنس، وعبد الله بن مغفل، وجماعة أخر: "أن النبي ، وأبا بكر، وعمر، وعليًّا، كانوا يفتتحون الصلاة بالتكبير ثم بالقراءة" (٣).


(١) أخرجه مالك في الموطأ كتاب الصلاة باب ما جاء في أم القرآن (٣٧) وأحمد (٥/ ١١٤) وله شاهد من حديث أبي سعيد بن المعلى أخرجه البخاري (٤٤٧٤)، لكن لم أجده بلفظ المصنف: كيف تقرأ إذا كبرت؟ قال: فقلت: الله أكبر، الحمد لله .. "، وإنما ورد كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ ونحو هذا اللفظ، وجواب أبي ليس فيه ذكر التكبير.
(٢) قلت: في هذا الاستدلال نظر؛ لأن النبي أخبر أبيًّا أنه يريد أن يعلمه سورة فيها الفضل المذكور، ولذلك سأله كيف تقرأ في صلاتك، والاستفتاح ليس من السورة حتى يخبر به أبي ، ولا سأله النبي بأي شيء يستفتح به صلاته حتى يرد الاعتراض المذكور، والانتصار للمذهب لا ينبغي أن يكون بأي شيء ولو بضرب من التأويل بعيد، بل الحق أحق أن يتبع، وسنة رسول الله مقدمة على قول كل أحد كائنا من كان، وما يضر ذلك أن الإمام مالكًا لم يصح عنه في ذلك شيء، أو لم يبلغه، أو له فيه نوع تأويل، أفيسع من بعده أن يتركه مع ثبوته عنده؟!.
(٣) أما حديث أنس؛ فأخرجه البخاري (٧٤٣) ومسلم (٣٩٩/ ٥٠) وليس في البخاري ذكر عثمان، وإنما هو عند مسلم، وليس عندهما ذكر علي ، ولكن روى ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٣٠٦) عن أنس قال: صليت خلف النبي وخلف أبي بكر، وخلف عمر، وخلف عثمان وخلف علي فكانوا يفتتحون القراءة بـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. =

<<  <  ج: ص:  >  >>