للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما تسهَّل، والتسهيلُ خلاف التشديد، لأنكم تلزمونه قراءة فاتحة الكتاب دون غيرها (١).

قيل: هذه الآية دلالة لنا؛ لأنها لا تخلو أن تكون من ألفاظ العموم، أو تكون مجملة تحتاج إلى بيان، فإن كانت عمومًا؛ فيجب أن تستوفي جميع ما تيسر إلا أن تقوم دلالة؛ لأن اللفظ أمر في عموم الإنسان، [وعموم الإنسان] (٢) تتيسر عليه فاتحة الكتاب وغيرها معها، فينبغي أن تجب عليه قراءة جميع ما تيسر عليه إذا كان يحسنه.

وإن كانت مجملة لا يعقل التيسر من ظاهرها؛ فقد بين النبي المراد بقراءته فاتحة الكتاب، وبقوله: "كل ركعة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فإنك لم تصلها إلا وراء الإمام" (٣).

فإن قيل: فإنها تقتضي التخيير بين ما تيسر، وتقديره: "فاقرؤوا أي شيء تيسر"، ولم يَخُصَّ فاتحةَ الكتاب من غيرها.

قيل: من جعلكم بهذا أولى ممن جعلها بمعنى "الذي"؟! فيكون تقديره: "اقرؤوا الذي تيسر"، فيجب أن نستوفي عمومه، وكما لو قال: "أعط فلانًا الذي تقدر عليه"؛ لاقتضى جميع ما تقدر عليه؛ لأنه لم يُبَعِّض الذي يقدر عليه، وكذلك لم يقل تعالى: "واقرؤوا بعض الذي تيسر"، فينبغي أن نستوفي جميعه حتى تقوم الدلالة، ألا ترى أنه لو قيل لإنسان: "اقرأ القرآن"


(١) انظر التجريد (١/ ٤٨٥ - ٤٨٦).
(٢) زيادة ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٣) تقدم تخريجه (٤/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>