للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو يحسن بعضه، فقال: لا أحفظه، فقيل له: "اقرأ ما تيسر عليك"؛ لاقتضى جميع ما يحفظه.

وعلى أنه لو ثبت أنها تقتضي التخيير؛ [ففي] (١) ما عدا فاتحة الكتاب، وتكون فاتحة الكتاب ملحقة بالدلائل التي ذكرناها.

ولا معنى لقولهم: "إن هذا لفظ الوجوب؛ فلا ينبغي أن يصرف إلى غير ما يتعلق به صحة الصلاة"؛ لأن الزيادة على فاتحة الكتاب لا يتعلق به صحة الصلاة، فثبت أن (٣٢٢) الوجوب مصروف إلى ما يتعلق به صحتُها، ولكنه مخير فيه، والتخيير ضد التعيين، وذلك أننا لم نصرفه إلى هذا إلا بدلالة قد ذكرناها، هذا إذا سلمنا أنها تقتضي التخيير.

ويقوي ما تأولناه في الفصل الأول من استيفاء جميع ما تيسر؛ أن الآية وردت في صلاة الليل (٢)، وقد كان النبي يقرأ القرآن الكثير فيها، وكذلك الصحابة، حتى إن عثمان وغيره كانوا يختمون القرآن في ركعة (٣)، فلو كان لفظ الوجوب يقتضي وجوب التيسير على وجه التخيير؛ لم يخالفوا الأمر الواجب فيه.

ويجوز أيضًا أن يكون النبي كان يشق على نفسه في صلاة الليل بالقراءة الكثيرة الطويلة (٤)، فقيل له: اقرأ ما تيسر عليك وتسهل، أي القدر


(١) في الأصل: في.
(٢) انظر تفسير ابن جرير (١٠/ ٨٢٧٩ - ٨٢٨٠).
(٣) أخرجه عن عثمان الدارقطني (٢/ ٣٤) والبيهقي (٣/ ٣٦ - ٣٧).
وأخرجه البيهقي أيضًا (٣/ ٣٧) عن تميم الداري.
(٤) ثبت أن النبي قرأ البقرة والنساء وآل عمران في ركعة، أخرجه البخاري (١١٣٥) =

<<  <  ج: ص:  >  >>