للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي لا يجهدك (١)، فينبغي أن يستوفي ما تيسر عليه، ولا يخرج إلى ما يشق ويجهد، وهذا أحسن ما صُرف إليه هذا التأويل، ألا تراه تعالى قال له: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ﴾ (٢) أي لا تشق على نفسك وتجهدها، ولكن صل دون الثلث؛ فإنه غاية ما تيسر عليك.

ويقوي قولنا أيضًا أننا لا نجد ولا نسمع أن أحدا يحسن قراءة فاتحة الكتاب فلا يقرأها في صلاة، ولو كان التخيير واجبًا؛ لما جاز خلافه، ولو قامت دلالة نقلته إلى الندب أيضًا؛ لم يجز إطباقهم على خلاف الواجب والندب.

فإن قيل: فإذا قصرتموه على آيات معينة؛ فليس هذا ما تيسر.

قيل: إذا كان يحسنها؛ فإنها لا تخرج عما تيسر عليه، وقد قلنا: إن ظاهرها يقتضي وجوب ما تيسر عليه، وفاتحة الكتاب منه.

وعلى أنكم إذا قصرتموه على آية دون أقل منها بدلالة؛ فكذلك نقصره نحن على آيات معينات بدلالة.

فإن قيل: على مذهب أبي حنيفة يجوز دون آية إذا تناوله اسم قرآن، وعلى مذهب محمد وأبي يوسف إن قصرناه على آية فليست معينة.

قيل: قد بينا أن العموم يستوفي فيما تيسر من كل ما يسمّى قرآنًا، والتعيين قلناه بدلالة كما قلتم بالتقدير في الآية بدلالة.


= ومسلم (٧٧٢/ ٢٠٣).
(١) انظر تفسير ابن جرير (١٠/ ٨٢٨٠).
(٢) سورة المزمل، الآية (٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>