للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلف الإمام، ولو ادعينا إجماع الصحابة في هذا؛ لكان سائغًا؛ لأننا لم نرهم يختلفون في أنه لا يقرأ خلف الإمام إذا جهر؛ لأن عثمان، وعليًّا، وسعدًا، وابن عمر، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وجابرًا، وأبا سعيد، وابن عباس، وعبد الله بن بديل، وأنسًا قالوا كلهم: "تكفيك قراءة الإمام" (١).

ولم يذكر عن أحد منهم أنه أوجب القراءة خلف الإمام إلا فيما خافت فيه (٢)، فإنه قد روي عن كل واحد منهم - أعني ممن ذكرنا - أنهم قالوا: يقرأ معه ما خافت.

فإن قيل: إننا نقول: إن المأموم يقرأ في حال تشاغل الإمام بالاستفتاح، فينصت عند القراءة.

قيل: قد أقمنا الدليل أن الإمام لا يستفتح بعد التكبيرة بغير قراءة "الحمد لله رب العالمين"، فبطل هذا.

وعلى أن المأموم عندكم يشتغل أيضًا في تلك الحال بالاستفتاح كتشاغل الإمام.

وعلى أن الأخبار تقتضي منعه من القراءة أصلًا في كل حال، ولا يمتنع أن يكون مستمعًا في حال قراءة الإمام، ومنصتًا في حال إخفائه، والمنصت هو الساكت سواء سمع أو لم يسمع.


(١) انظر مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٠٩ - ٣١٢) والتمهيد لابن عبد البر (٤/ ٣٤٠ - ٣٤٥) ومصنف عبد الرزاق (٢/ ١٢٧ - ١٤١) والأوسط لابن المنذر (٣/ ٢٥٤ - ٢٥٧).
(٢) بل جاء عن عبادة بن الصامت وابن عباس ما يدل على القراءة خلف الإمام ولو جهرًا. انظر مصنف عبد الرزاق (٢/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>