للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فإن الأمر بالإنصات لا ينافي القراءة، الدليل على ذلك ما روي أن أصحاب رسول الله ، سألوه، فقالوا: "ما [تقول] (١) في سكتاتك يا رسول الله؟ " (٢) فسموه في تلك الحالة بهذا الاسم وإن كان ذاكرًا لله تعالى (٣).

قيل: إن الإنصات هو السكوت، وهو ينافي الكلام عند الجميع، فصار ولهم: "ما تقول في سكتاتك" راجعًا إلى ما شاهدوه في الظاهر، فمعناه: ما تقول في حال هي سكوت عندنا في الظاهر (٤)، فقال: "أقول كذا وكذا".

وقد اتفقنا أن المأموم إذا لحق الإمام في الركوع؛ فإن القراءة تسقط عنه، والعلة في ذلك أنه مؤتم بمن قد صح الائتمام به مع صحة عقده للصلاة، فكذلك تسقط قبل الركوع.

فإن قيل: إنما سقطت عنه في هذه الحال لسقوط القيام الذي هو موضع القراءة.

قيل: القيام (٣٢٧) الذي هو الاعتدال لا يسقط عندنا عن المأموم، وعلى أن هذا لو كان كما ذكرتم؛ لكان حجة لنا؛ لأن القيام الذي هو ظرف القراءة سقط لسقوط القراءة، ولا يمتنع أن يكون الشيء ظرفًا لشيء يخرج الظرف أن يكون ظرفًا له، ويصير لشيء آخر، فنقول: تسقط القراءة عن المأموم قبل


(١) في الأصل: نقول، والتصحيح من التخريج.
(٢) تقدم من حديث أبي هريرة (٤/ ٢٦٣).
(٣) وهذا الحديث يدل على سنية الاستفتاح الذي دافع المصنف على منعه.
(٤) قال ابن دقيق العيد والمراد بالسكتة هاهنا السكوت عن الجهر لا عن مطلق القول، أو عن قراءة القرآن لا عن الذكر". إحكام الأحكام (١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>