الركوع، ويكون قيامه اتباعًا للإمام، بخلاف قيامه منفردًا؛ لأنه في الانفراد ظرف للقراءة مع القدرة على القراءة، ثم تسقط القراءة عن المنفرد إذا كان أميًّا، ويكون قيامه ظرفًا للتسبيح، وكذلك الركوع والسجود خلف الإمام هما ظرفان للتسبيح والدعاء المسنونين، ثم يسهو الإمام عن ذلك فيصيران لاتباع الإمام دون ما كانا له ظرفًا له من التسبيح والدعاء؛ لأنه خلف الإمام إذا سها عن المسنون لا سجود عليه، ولو سها منفردًا؛ لوجب عليه سجود السهو.
وقد استدل بعض أصحابنا بأن قالوا: وجدنا فروض الصلاة التي هي الركوع والسجود إذا سقطت عند الضرورة؛ سقطت إلى بدل هو الإيماء، فلو كانت القراءة على المأموم فرضًا؛ لما سقطت عند إدراكه الركعة مع الإمام إلا إلى بدل؛ كالركوع، فلما سقطت أصلًا؛ علمنا أنها ليست بفرض، وأنها من جنس السنن التي تسقط عند الضرورة لا إلى بدل.
وهذا عندي فاسد؛ لأن القراءة فرض على المنفرد كالركوع والسجود وإن كانت تسقط عنه إذا كان أميًّا لا إلى بدل، والركوع والسجود يسقطان إلى بدل، وإنما ذكرت هذا حتى يعرف فلا يعتمد عليه، ولكن يجوز أن يجعل ترجيحًا لا على هذا الوجه، ولكن يقال: قد علمنا الفرق بين المنفرد وبينه خلف الإمام في سقوط القراءة عند إدراك الإمام راكعًا، ولم يفترق حكمها في باب الركوع والسجود، فينبغي أن تكون القراءة عنه خلف الإمام ساقطة عنه أصلًا لسقوطها عنه عند إدراك الركوع مع القدرة على قراءتها.
فإن استدلوا بقوله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾.
وهذا عام ظاهره الوجوب في المنفرد والإمام والمأموم.