إلى غير ذلك مما له من هذا النوع، ولم أستقص كل شيء في هذه المقدمة، وإنما غرضي التنبيه بما ذكرته إلى ما لم أذكره، وقد أثبتت ذلك في مواضعه.
* من الملاحظ على المصنف أيضًا أنه رغم تبحره في العلم، وتحرره في النقاش، وإيراده للأدلة لم ينج تمامًا من التعصب شيئًا ما للمذهب، والدفاع عنه والمنافحة بأشياء مخالفة للدليل، بنوع من التضعيف أو التأويل، يظهر من إيرادها سقوطها، ومن تكثيرها ضعفها، وهذا يخالف ما قرره أئمة العلم، ومصابيح الدجى، ونجوم الحديث، من أن اتباع النص مقدم على تقليد الشخص، والأخذ بالحديث واجب حثيث، وكلمات العلماء متضافرة على هذا، فقد قال أبو حنيفة ﵀:"لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذنا".
وقال الإمام مالك:"إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه".
وقال الشافعي:"ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله ﷺ وتعزب عنه، فمهما قلتُ من قول، أو أصّلت من أصل، فيه عن رسول الله ﷺ خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله ﷺ، وهو قولي".
والكلمة التي اشتهرت عنه، وقالها أيضًا أبو حنيفة:"إذا صح الحديث فهو مذهبي".