للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا ثبت هذا؛ فقد تعارضت الأخبار في العصر؛ لأنه قد روي في بعضها أنها العصر، وفي بعضها أنها غير العصر، فاحتجنا إلى الترجيح.

فما ذكرناه أولى لأمور؛ منها: أن الله تعالى [أفردها] (١) بالذكر فقال: ﴿وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ بعد أن اقتضى دخولها في جملة الصلوات، ولم تخص بالذكر إلا لمزية، والمزية للصبح على سائر الصلوات هو أنها تصلى في وقت النوم والغفلة، والوقت الذي يثقل على الناس القيام فيه، وسائر الصلوات تفعل في وقت الانتباه واليقظة، ولا تلحق المشقة في شيء منها كما تلحق في الصبح، فأفردها الله تعالى بالذكر للمحافظة عليها تأكيدًا لأمرها، ألا تراه عقبها بالقنوت الذي فعله النبي فيها إلى أن قبض (٢).


(١) في الأصل: أفردناها.
(٢) يشير إلى حديث أنس أن النبي قنت شهرًا يدعو عليهم ثم تركه، فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا".
أخرجه أحمد (٣/ ١٦٢) وعبد الرزاق في المصنف (٤٩٦٤) وقال النووي: "حديث صحيح رواه جماعة الحفاظ من وصححوه، وممن نص على صحته الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي البلخي والحاكم أبو عبد الله في مواضع من كتبه والبيهقي، ورواه الدارقطني من طرق بأسانيد صحيحة". المجموع (٤/ ٦٧٠).
قال الأرناؤوط: "إسناده ضعيف، أبو جعفر الرازي - واسمه عيسى بن ماهان - سيء الحفظ، وقد خالف رواية الثقات لهذا الحديث عن أنس، فالرواية الصحيحة عنه أن رسول الله قنت شهرًا يدعو على أحياء من أحياء العرب: عصية وذكوان ورعل ولحيان .. وأخرج الطحاوي (١/ ٢٤٣) والبيهقي (٢/ ٢٠٢) من طريق عمرو بن عبيد عن الحسن عن أنس قال: صليت مع النبي فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته، وصليت مع عمر بن الخطاب فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته، وقرن البيهقي بعمرو بن عبيد إسماعيل بن مسلم المكي، وقال لا يحتج بهما. قلنا: وهما متفق على تركهما". تحقيق المسند (٢٠/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>