للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا فإن الصبح تقع بين أربع صلوات، يجمع بين كل ثنتين منها، فالظهر تجمع مع العصر عند العذر، والمغرب مع العشاء، والصبح لا تجمع إلى شيء، فيجب أن تكون الصبح هي الوسطى؛ لتوسطها بين هذه الأربع التي تجمع بين اثنتين قبلها، وثنتين بعدها.

وهي أيضًا متوسطة بين صلاتي ليل وصلاتي نهار؛ لأن قبلها المغرب والعشاء من صلاة الليل، وبعدها الظهر والعصر من صلاة النهار، وقد اختلف الناس فيها فقيل: ليست من صلاة الليل، ولا من صلاة النهار، وقد روي في الأخبار أن ملائكة الليل وملائكة النهار يحضرونها (١)، فاختصت بذلك.

واستدل من ذهب إلى أنها الظهر بما رواه زيد بن ثابت قال: "كان النبي يصلي الظهر في الهاجرة، وما كانت صلاة أشد عليه منها، فأنزل الله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ (٢).

فثبت أن الوسطى هي الظهر؛ لأنه نزل على سبب، (٣٢٩) وهو محافظة النبي عليها، ومشقة فعلها عليه.

وهذا لا دلالة فيه؛ لأن النبي قد قال: "أبردوا بالظهر" (٣)، وكان يغلس بالصبح مع عظم المشقة فيها، وأنها تدرك الناس نيامًا، والظهر هم فيها ينتشرون في معايشهم وحوائجهم.

وأي شيء يمنع أن تكون الآية نزلت في المحافظة على الصلوات التي


(١) أخرجه البخاري (٥٥٥) ومسلم (٦٣٢/ ٢١٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٤١١) وأحمد (٥/ ١٨٣) وابن جرير (٢/ ١٣٩٩) وإسناده صحيح. انظر صحيح أبي داود (٤٣٩).
(٣) تقدم تخريجه (٤/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>