وانظر ما قاله عند حديثه عن وقت صلاة المغرب، كيف يحاول أن ينصر مذهبه في أن لها وقتًا واحدًا، معرضًا عن الأدلة الواردة في مذهب مخالفه بنوع من التأويل بعيد، يعلم بعده لمن قرأه وتأمله، ولاحظه وتتبعه.
وانظر أيضًا كيف حاول نصرة مذهب مالك في نفي استحباب التوجيه ودعاء الاستفتاح، مع أن الأدلة فيه واضحة، وفي أمره مكشوفة ناصعة، فجعل بعضها في النافلة مع وجود ما يدل صراحة أنها في الفريضة أيضًا، ورد البعض الآخر، راجعه في محله تر الأمر عيانًا.
وفي مسألة التأمين للإمام جعل يؤول ويضعف ما ورد فيها مع وضوحها في دلالتها على خلاف مذهبه، وصراحتها في رده.
وقد قدمت لك ما قاله في حديث عائشة أن النبي ﷺ قبلها ثم خرج إلى الصلاة لم يتوضأ، كيف حاول تضعيفه وتوهينه، لمخالفته لمذهبه ورأيه، مع صحته ودلالتها على المقصود، ثم هو يستدل به على الشافعي لما رأى أن فيه الحجة عليه، ناسيًا أو غافلًا أنه قد ضعفه قبل.
وكذا ما فعله في حديث عائشة أيضًا في وقوع يدها على أخمص النبي ﷺ، ودلالته على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، لكنه لمخالفته لمذهبه جعله قضية في عين، ثم استدل به على الشافعي في أن اللمس لغير شهوة لا ينقض، فاستدل بعمومه ناقضًا ما قدمه من خصوصه.
وقد أكثر المصنف من هذا الضرب، أعني من جعله حوادث كثيرة