للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان شيخنا أبو بكر يقول: "إن ستر العورة فرض في الجملة على الإنسان أن يسترها عن أعين المخلوقين في الصلاة، وغير الصلاة، والصلاة أكبر من غيرها (١).

وعند أبي حنيفة والشافعي (٢) أنها من فروض الصلاة (٣).

واختلفوا في حد العورة، وأنا أذكره بعد هذه المسألة.

والدليل على أنها فرض في الجملة، وأن الصلاة لا تختص به دون ما قبلها، وأنه ليس من سنتها؛ أن الفرض بالاتفاق (٤) قد ثبت قبل الدخول في الصلاة فمن رام نفي ذلك في حال الصلاة فعليه الدليل.

وأيضا فإن فرض الصلاة وسنتها التي تختص بها أنها تجب بوجوبها، وتزول بزوالها، كالطهارة، واستقبال القبلة، والنية لها، وما أشبه ذلك، فلو كان ستر العورة تختص به الصلاة؛ لما وجب إلا بوجوبها، وسقط بسقوطها، كفروضها وسننها، فلما كان ستر العورة عن أعين المخلوقين يجب قبل الصلاة، وفيها، وبعدها على طريقة واحدة؛ شابه الإيمان، وترك قذف


(١) وهذا النقل يرد على من حشر القاضي أبا بكر مع من يقول بعدم فرضيته في الصلاة كما فعل ذلك القرافي في الذخيرة (٢/ ١٠١) نقلا عن الجواهر. وتبعه على ذلك صاحب كتاب إجماعات ابن عبد البر (١/ ٤٤٩ - ٤٥٠).
(٢) وهو المذهب عند الحنابلة انظر المغني (٢/ ١٥٤).
(٣) الأم (٢/ ١٩٨ - ١٩٩) المجموع (٤/ ٢٤٨ - ٢٥٢) حاشية ابن عابدين (٢/ ٦٩) شرح فتح القدير (١/ ٢٦٣ - ٢٦٤) المحلى (٢/ ٢٤١).
(٤) وحكى الاتفاق على ذلك أيضا ابن عبد البر وابن العربي وابن رشد الجد والحفيد والقرطبي والنووي وغيرهم. انظر إجماعات ابن عبد البر في العبادات (١/ ٤٤٢ - ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>