للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من تجمل له" (١)، وكما يتجمل الإنسان في مواضع التجمل، فهذا يؤكد أمر الصلاة.

وقوله : "لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار (٢) أيضا تأكيد لأمر الصلاة، كما لو قال: "لا صلاة لمن لا إيمان له؛ لم يدل على أن الإيمان تختص به الصلاة دون ما قبلها، لأن الإيمان فرض قبل الصلاة، كما أن ستر العورة فرض قبل الصلاة، ألا تراه تعالى قال: ﴿أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ (٣).

ويدل على هذا أيضا أنه لو ترك ستر العورة في الصلاة مع القدرة عليها استهانة؛ كانت صلاته باطلة (٤)؛ بعلة أنه مفروض عدل عنه لغير ضرورة، فكان بمنزلة من ترك القراءة المفروضة عليه لغير ضرورة، وبمنزلة من ترك الفروض اللازمة على الدوام، مثل الإيمان، وترك قذف المحصنات.

فإن قيل: فما تقولون فيمن صلى في بيته وحده، حيث لا يراه مخلوق بغير سترة، مع القدرة على ذلك؟ فالذي ينبغي عندي أنه لا يجزئه (٥)؛ كما لو ترك الإيمان سرا، وقذف المحصنات في صلاته، لأن الله تعالى أولى أن


(١) أخرجه عبد الرزاق (١٣٩١) والبيهقي (١/ ٣٣٣) موقوفا على ابن عمر.
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٣٩٤).
(٣) سورة الأعراف، الآية (٢٥).
(٤) بالإجماع كما تقدم.
(٥) وحكى ابن عبد البر على ذلك الإجماع، ولم يخالف في هذا إلا أشهب من المالكية. انظر إجماعات ابن عبد البر (١/ ٤٤٥ - ٤٥١) وقد تقدم أن إسماعيل القاضي يرى سقوط الفرض عنه مع الإثم.

<<  <  ج: ص:  >  >>