للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو كان الفخذ عورة ما كشفه بحضرة أبي بكر وعمر.

قيل: عن هذا جوابان:

أحدها: أنه لم تكن نفس الفخذ مكشوفة (١)، ويحتمل أن يكون ما قاربه من الساق، فغطاه احتشاما من عثمان لموضع الصهر منه، فقال: إني خشيت أن لا يبلغ حاجته؛ لأنه رجل حيي.

والجواب الثاني: أنه قد قيل: إن أبا بكر وعمر كانا إلى جنب النبي ، وكانا بحيث لا يريان فخذه من الجانب الآخر، فلما دخل عثمان من حيث يراها؛ غطاها (٢).

فإن قيل: أليس لتخصيص عثمان بقوله: "أستحيي منه" فائدة.


= أنه انحسر ولم يحسره؛ بدليل ما ورد في إحدى روايات مسلم، كما أشار له النووي، وليس الحديث عند البخاري كما توهم حيث قال بأنها رواية في الصحيحين، ولكن مع ذلك يمكن الاستدلال به على المراد "من جهة استمراره على ذلك؛ لأنه وإن جاز وقوعه من غير قصد لكن لو كانت عورة؛ لم يقر على ذلك لمكان عصمته، ولو فرض أن ذلك وقع لبيان التشريع لغير المختار؛ لكان ممكنا، لكن فيه نظر من جهة أنه كان يتعين حينئذ البيان عقبه كما في قضية السهو في الصلاة .. " قاله ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٠١).
وقيل في الجواب عن هذه الأحاديث: إنها قضايا أعيان لا عموم لها، قاله الشوكاني، ونقله عن القرطبي. نيل الأوطار (٢/ ٦٥) وأحسن منه ما أشار إليه البخاري في صحيحه في التبويب المتقدم، وفيه "وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط"، وهو وجه من الجمع حسن، وقريب منه ما جمع به ابن القيم في تهذيب السنن (٦/ ١٧) بقوله: "وطريق الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة، فالمغلظة السوأتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة مغلظة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة".
(١) مردود بما تقدم.
(٢) لكن حديث حفصة يرد هذا التأويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>