للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا﴾ (١) فلم يستطيعوا أن يأتوا بسورة من مثله.

[فقال] (٢) قوم: هو معجز بسورة.

وقال قوم: إن آية واحدة معجزة.

واختلفوا هل عجزوا عن ذلك وكانوا يقدرون على الإتيان بمثله، فمنهم من ذهب إلى أنه لم يكن في قدرهم بوجه.

ومنهم من ذهب إلى أنهم كانوا يقدرون فمنعهم الله تعالى منه (٣).

ومنعهم أيضا معجز؛ لأنه لا يقدر على منعهم غيره، ومثل هذا قوله تعالى: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ (٤)، ونحن نعلم أنهم يقدرون على التمني، ولكن الله منعهم؛ لأنهم لو تمنوا لماتوا (٥).


(١) سورة الأنفال، الآية (٣١).
(٢) في الأصل: فقام.
(٣) وهذه طريقة المعتزلة تسمى بالصرفة، أي أن الله صرفهم عن الإتيان بمثله مع قدرتهم عليه، والصحيح مذهب أهل السنة أنهم لم يكن في قدرتهم ذلك قال ابن كثير: "وقد قرر بعض المتكلمين الإعجاز بطريق يشمل قول أهل السنة وقول المعتزلة في الصرفة، فقال: إن كان هذا القرآن معجزا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله ولا في قواهم معارضته؛ فقد حصل المدعى وهو المطلوب، وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله، ولم يفعلوا ذلك مع شدة عداوتهم له؛ كان ذلك دليلا على أنه من عند الله؛ لصرفه إياهم عن معارضته مع قدرتهم على ذلك. وهذه الطريقة وإن لم تكن مرضية لأن القرآن في نفسه معجز لا يستطيع البشر معارضته كما قررنا، إلا أنها تصلح على سبيل التنزل والمجادلة والمنافحة عن الحق". تفسير القرآن العظيم (١/ ١٠٦).
(٤) سورة البقرة، الآية (٩٣).
(٥) أخرج الإمام أحمد (٢/ ٢٤٨) عن ابن عباس قال: "قال أبو جهل: لئن رأيت رسول الله يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه. قال: فقال: لو فعل لأخذته الملائكة عيانا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>