للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإن عمدة هذا الباب ما دللنا عليه من أن فاتحة الكتاب لا ينوب عنها شيء في الصلاة مع القدرة على قراءتها، كما أننا تعبدنا بالسجود على الجبهة، ونحن نعلم أن السجود على الخد أبلغ في الخضوع، فلم يجز أن نتعدى ما تعبدنا به من الواجب إلى غيره، فكذلك لا نقيم مقام فاتحة الكتاب بالعربية قراءتها بالفارسية؛ (٣٥٣) لأنها عبارة عن معانيها لا هي.

وما تذكرونه أن في القرآن ألفاظا أعجمية وغير عربي مثل قوله ﴿كَمِشْكَاةٍ﴾ (١)، ﴿مَقَالِيدُ﴾ (٢)، وغير ذلك، فإن ذلك عندنا عربي وافق لغة العجم، فصاروا أتباعا للعرب فيه (٣).

وما يذكرونه من أن الله تعالى حكى من قول الأنبياء الذي بلسانهم بلسان عربي في القرآن؛ يقول نوح: ﴿يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا﴾ (٤)، وأن نوحا قال هذا بلسانه.

قالوا: فكذلك يجوز أن نحكي نحن القرآن بلسانهم.


= ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا".
(١) سورة النور، الآية (٣٥).
(٢) سورة الزمر (٦٠) وأما الكلمات المعربة في القرآن فعدها تاج الدين السبكي سبعة وعشرين لفظا، وزاد عليها الحافظ ابن حجر أربعة وعشرين لفظا، وأوصلها السيوطي إلى سبعة عشر ومائة لفظ. انظر الإتقان (٢/ ١٠٨ - ١٢٠).
(٣) هذا أحد المذاهب في هذه المسألة، وذهب إليه الشافعي، وابن جرير، وأبو عبيدة، والقاضي أبو بكر، وابن فارس، وذهب آخرون إلى وقوعه وذهب آخرون إلى التفصيل. وقد فصل ذلك السيوطي في مؤلف خاص سماه: "المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب" واختصره في الإتقان (٢/ ١٠٥ - ١٢٠) وانظر أيضا نثر الورود (١٠٢ - ١٠٣).
(٤) سورة هود، الآية (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>