للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد حصل لكم به ضرورة، وهم يقدرون على تعليمه بلغة العجم؛ لكان هذا صحيحا سائغا، وهو ذا ترى الأعجمي القح يتعلم القرآن بلسان العرب على ما أنزل الله يتعلمه، فإن أشكل عليه شيء من معانيه؛ فسر له بلسانه، فسقط تعلقهم بما يذكرونه.

وأيضا فإن الله تعالى قال: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ (١).

ومثل القرآن أن يكون على صفته، ونظمه، ومعانيه، ولم يخص معانيه دون لفظه، لأن معانيه ليست مثله من جميع الوجوه.

على أن المعجز منه ما [نسجت] (٢) به المعاني من اللفظ المنظوم المؤلف، الذي يخرج عن البحر والرجز والقوافي التي قد عرفتها العرب واعتادتها، وإلا فهم يتصرفون في المعاني أحسن تصرف، كما أن الشعراء تتصرف في المعاني، والذي يتميز به بعضهم من بعض حسن النظم والتأليف الذي قد كسي المعاني به، فتستحسن معانيه بنظمه وتأليفه.

وأيضا فقد روي "أن عمر بن الخطاب سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما قرأها هو، فتلبب (٣) به، وجاء إلى الرسول فقال له: اقرأ، فقرأ، فقال: هكذا أنزلت، ثم أمر عمر فقرأ، فقال: هكذا


(١) سورة الإسراء، الآية (٨٨).
(٢) في الأصل: نسيت.
(٣) يقال: لبّبت الرجل ولبته: إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره وجررته به، وأخذت بتلبيب فلان: إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضتَ عليه، تجره، والتلبيب مجمع ما في موضع اللبب من ثياب الرجل. النهاية (٨٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>