للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإنه إذا قرأ بالفارسية؛ فقد عدل عن صفة القرآن المنزل مع القدرة عليه، فأشبه من أتى بالمعنى دون اللفظ.

وأيضا فإنه أتى بالصلاة بذكر غير معجز جنسه، فلم تصح صلاته مع القدرة عليه، دليله لو أتى ببدل القراءة بسائر الأركان.

وأيضا فإنه قد عبر عبارة عن القرآن وصيغته مع القدرة عليه، فلم تجزئه صلاته كما لو أتى بشعر.

والنبي قرأ بفاتحة الكتاب بلسانه، وامتثال فعله واجب، وقد قال مع هذا: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (١).

وأيضا "فإن الوليد بن عتبة (٢) لما سئل عن القرآن قال: قد سمعت شعر الشعراء، وخطب الخطباء، وكلام الكهنة، وما هذا منه في شيء، وما هو إلا سحر". فلم يعجزوا إلا عن نظمه وتأليفه، وإلا فالمعاني غير متعذرة عليهم.

فإن قيل: فإن تعبيره بعبارة أخرى - إذا أتى بمعانيه على نظمها - لا يخرجه أن يكون قرأ القرآن كما قرأ ابن مسعود بدل ﴿طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾ "الفاجر".

قيل: أما هذه القراءة عن ابن مسعود؛ فطريقها خبر الواحد ولا يقبل، فقراءته المشهورة المنقولة تواترا لفظا ورواية هي قراءة عاصم.

وعلى أن ابن مسعود لما تعذرت التلاوة على القارئ عليه في الأثيم قال له: اقرأ الفاجر؛ لينبهه على المعنى، فيعود إلى اللفظ، لأنه خالف


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٩٥).
(٢) نسبه إلى جده، وهو الوليد بن المغيرة بن عتبة، وقد تقدم تخريج كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>