للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المصحف، وهذا كما روي عنه أنه قال: "ليست المعوذتان من القرآن" (١).

وهذا غلط، وقد خرجنا قوله على ما نحمله لو صح عنه، وبيناه في مسألة بسم الله الرحمن الرحيم.

وعلى أنه لو صح ما ذكرتموه عن ابن مسعود؛ لكان كلامنا معه مثل كلامنا معكم.

فإن قيل: التحدي لم يقع باللفظ، وإنما وقع بالمعاني وانتظامها، ألا ترى أن العجم لو أتوا بمثل معانيه ونظمها بلغتهم؛ لسقط حكم الإعجاز للقرآن ألا يأتوا بمثله على صيغته، ونظمه، ومعانيه.

ثم قولهم: "إنهم لو أتوا بمثل معانيه ونظمها بلغتهم لسقط الإعجاز"؛ محال؛ لأنهم لا يقدرون على نظم معانيه إلا بهذه الصيغة، لأن هذه الصيغة واللفظ المنتظم من المعاني أيضا، ولا تكون المعاني على نظمها إلا بهذه الصيغة، فسقط ما ذكروه.

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ (٢) إلى أن قال: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ (٣)، وقال: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾ (٤) ولا تكون في صحفهم وزبرهم إلا بلسانهم (٥).

قيل: قد أجمعنا نحن وأنتم أن هذا القرآن ليس في صحف إبراهيم


(١) تقدم (٤/ ٢٦٩) بيان أن هذا لا يصح عن ابن مسعود.
(٢) سورة الأعلى، الآية (١٥).
(٣) سورة الأعلى، الآيتان (١٨ - ١٩).
(٤) سورة الشعراء، الآية (١٩٦).
(٥) انظر شرح فتح القدير (١/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>