للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وموسى ولا أحد، فلا بد من التأويل، فمعناه أن ذكر القرآن وذكر النبي في كتبهم (١)، ألا ترى إلى ما حكاه تعالى (٣٥٦) عن عيسى : ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ (٢)، وكذلك قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (٣)، فهذا الذي هو في صحف إبراهيم، وموسى، وعيسى، وفي زبر الأولين.

وأيضا فيحتمل أن يكون أراد تعالى معنى قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ (٤) إلى آخر الآية في الصحف الأولى مع إحكامه.

ثم لو قلنا: إن هذا القدر مذكور في الصحف الأولى بهذا اللفظ والصيغة؛ لم يمتنع ذلك، كما قلناه فيما حكاه عنهم في القرآن، وأنهم ما قالوه إلا بهذا اللفظ.

على أنه قد قال: "أنزلت علي سورة لم تنزل على نبي قبلي، وهي فاتحة الكتاب" (٥).


(١) قال ابن حزم: "قلنا: نعم، ذكر القرآن والإنذار به في زبر الأولين، وأما أن يكون الله تعالى أنزل هذا القرآن على أحد قبل رسول الله فباطل وكذب ممن ادعى ذلك، ولو كان هذا ما كان فضيلة لرسول الله ، ولا معجزة له وما نعلم أحدا قال هذا قبل أبي حنيفة". المحلى (٣/ ٧٢).
(٢) سورة الصف، الآية (٦).
(٣) سورة الأعراف، الآية (١٥٧).
(٤) سورة الأعلى، الآيتان (١٨ - ١٩).
(٥) تقدم نحوه من حديث أبيّ وأبي سعيد بن المعلى (٤/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>