وقد قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ ثم قال: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾ (١) أي في معناه وذكره وأحكامه، والمعجز منه منه أنه بلسان عربي مبين، لا يقدرون على مثل تأليفه ونظمه.
ثم إننا نقول: إن الله تعالى تحدى العرب العاربة الذين هم بالفصاحة معروفون، وبالبلاغة موصوفون، الذين يفصلون بين الحقيقة والمجاز، والبسط والإيجاز والاتساع، والاستعارة والإيماء، والإشارة والحذف والترخيم، والإمالة والتفخيم، وخفيف الهمزة وثقيلها، وقصير المدة وطويلها، الذين يرضعون الكلام نظما ونثرا، وخطبا وشعرا، وموزونا وسجعا، كل ذلك إلفا وطبعا، فإذا عجز مَن هذه صورته ومحله ورتبته عن إتيان المثل والترجمة؛ فالأعجمي والنبطي اللذان لا يفصحان عن أنفسهما ما يضمرانه، ولا يبينان ما يريدانه ويقصدانه، باللغة التي نشؤوا عليها ونسبوا إليها، فأولى أن يعجزوا عن ذلك.
فإن قيل: فإننا نبني الكلام في المسألة على جواز تكبيرة الإحرام بالفارسية مع القدرة على العربية، فإذا سلم لنا ذلك؛ فلا قول إلا قولنا.
واحتجوا بقوله تعالى: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ فجعله مصليا بعد ذكر اسم الله تعالى، وهذا يتناول كل لغة من لغة العرب وغيرها.
قيل: لا يجوز عندنا أن يكبر بالفارسية وهو قادر على العربية، فأما احتجاجكم بقوله: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ لا ينصرف إلى تكبيرة الإحرام؛ لأننا قد بينا أنها من الصلاة، وهاهنا قال: ﴿فَصَلَّى﴾ بعد الذكر، فدل على أن الذكر