فيها، فلا تعلم إلا أن يعلمهم النبي ﵇ ذلك، فلو لم يعلمهم ذلك؛ لما علموه حقيقة، وظاهر هذا الوجوب؛ لأنه بيان كبيان غيره من أحكام الصلاة مما هو واجب كالركوع والسجود، لأن القراءة واجبة في الصلاة.
وكذلك تعليمه ﵇ للأعرابي حين قال له:"اقرأ بفاتحة الكتاب".
وفي خبر آخر:"اقرأ بما تيسر واجعل هذا في كل ركعة"(١).
وإنما علمه الواجبات؛ لأنه قال له:"ارجع فصل فإنك لم تصل"، وعلمه ما يكون به مصليا.
وأيضا فإنها ركعة من مكتوبة فأشبهت الأوليين.
وأيضا فإن القيام في الثالثة والرابعة قيام مفروض مع القدرة، يليه ركوع، فوجب أن تكون القراءة فيهما واجبة، دليله الركعتان الأوليان.
وأيضا فإن التطوع عندهم بالنهار أربع ركعات، وهم يوجبون القراءة في جميعه، فالفرض أولى.
ويجوز أن نحرر من هاهنا قياسا فنقول: هي صلاة من شرطها الطهارة، فيها ركوع؛ فوجب أن تكون القراءة في جميع ركعاتها، دليله التطوع.
أو بعلة أنها صلاة فيها ركوع، تنتقض بتعمد الحدث، فأشبهت التطوع.
ونقول أيضا إن جميع ركعاتها سواء في الطهارة واستقبال القبلة، فكذلك في القراءة.
(١) تقدم تخريجه، وهذه رواية البيهقي، وسندها صحيح كما قال النووي في المجموع (٤/ ٤٤٦).