للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمر الرجل بتأخير المرأة، فنهى عن القيام إلى جنبها، والنهي يدل على الفساد؛ لأنه ترك فرضا من فرائض الصلاة (١).

قيل: إن الأمر بالتأخير يدل على أنه لازم لهما جميعا، فلو كان تركها في التأخير لا يفسد صلاتها؛ كذلك تركه أن يتقدم عليها أو يؤخرها لا يفسد صلاته.

والذي يدل أيضا على أنها مندوبة إلى التأخير قوله : "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" (٢).

فصار الرجل مندوبا إلى التقدم، والمرأة مندوبة إلى التأخير، فلما كانت مخالفتها لا تفسد صلاتها؛ فكذلك مخالفته لا تفسد صلاته.

ثم نقول: لا موقف إلا ويصلح أن يكون موقفا للإمام والمأموم، وهو الذي تختلف عليه المواقف، واستحال أن يكون موقفه يفسد الصلاة، ألا ترى أن الأمي (٣) والمرأة من صلى خلفهما من القراء والرجال؛ لم تفسد


(١) قال ابن حجر: "وحكاية هذا تغني عن تكلف جوابه، والله المستعان، فقد ثبت النهي عن الصلاة في الثوب المغصوب وأمر لابسه أن ينزعه فلو خالف فصلى فيه ولم ينزعه؛ أثم وأجزأته صلاته، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك؟ وأوضح منه لو كان لباب المسجد صفة مملوكة فصلى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة؛ صحت صلاته وأثم، وكذلك الرجل مع المرأة التي حاذته، ولا سيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه". الفتح (٣/ ١٤٠).
(٢) أخرجه مسلم (٤٤٠/ ١٣٢) من حديث أبي هريرة، وله شاهد من حديث جابر عند أحمد (٣/ ٣) وصححه ابن حبان (٤٠٢) والحاكم (١/ ١٩١).
(٣) وقد تكلم المصنف على هذه المسألة، إلا أن الجزء الذي تكلم فيه عن هذا لم يعثر عليه إلى الآن، قال في عيون المجالس: "ولا يجوز لقارئ أن يأتم بأمي، ولا تصح صلاته، ويحتمل أن تبطل صلاة الأمي إذا علم أن المؤتم قارئ. وبه قال أبو حنيفة . وللشافعي قولان: =

<<  <  ج: ص:  >  >>