وجواب آخر: وهو أنه على هذا الحساب ينبغي أن تبطل صلاة المرأة دون الرجل؛ لأنها وقفت في غير محلها، كما فسدت صلاة المأموم قدام الإمام؛ لأنه وقف في غير محله، فلما قلتم: إن صلاة المرأة صحيحة؛ كانت صلاة الرجل أولى أن تصح؛ لأنه وقف في محله، وهي وقفت في غير محلها.
على أننا نقول: إن جانب الرجل محل لوقوف المرأة، ولكنا نكره ذلك.
فإن قيل: النهي تعلق بالرجل، وإن كانت المرأة منهية عن القيام إلى جنبه فإن النهي لم يتعلق بها، وإنما تعلق بالرجل، ألا ترى أنها منعت حتى لا تفسد على الرجل صلاته.
يدلك على ذلك أن المرأة يجوز لها أن تصلي خلف الرجل، وإن كان كونها خلفنا يحاذي [ما يخاف منه](١) من الوقوف إلى جانبه، ألا ترى أنها ترى منه في حال كونها خلفه ما لا ترى في حال قيامها لجنبه، وكذلك الرجل، إلا أنه اختص بالنهي دون المرأة، فعلمنا أن الرجل منع لمعنى في نفس صلاته، فاستوى قيامه بجنبها وتأخيرها، والمرأة منعت لمعنى في غير صلاتها، وهذا لأنها تؤثر في صلاة الرجل، والنهي متى تعلق بمعنى في نفس الصلاة؛ تضمن فسادها، مثل الصلاة بغير طهارة، وإذا كان متعلقا بمعنى في غير الصلاة؛ لم يتضمن فسادها مثل الصلاة في الدار المغصوبة، ولبس الثوب المغصوب.
قيل: هذا قد بينا أن النهي تعلق بهما جميعا.
فأما ما ذكرتموه من أن النهي تعلق عليها لأنها تؤثر في صلاة (٣٦٤)